اشتدت المعارك وحمي وطييها في خيبر ، وقاتل المسلمون قتالا غنيفا وشرسا دون ان يكون لهم الفتح ، فقال رسول الله (ص) " لاعطبن هذه الرايه غدا الى رجل يفتح الله عليه ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ".
فبات الناس يذكرون ايهم يعطاها ، ولما اصبحوا غداو على رسول الله (ص) وكلهم يرجو ان يعطاها . فقال (ص) : " اين علي بن ابي طالب " فقيل : يا رسول انه مريض يشتكي عينه .
فقال (ص) : " ارسلوا اليه ". فأتي به ، فبصق رسول الله (ص) في عينه ودعا له ، فبرى حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الرايه ، ففتح الله على يديه .
اسمه ونسبه
هو علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي ابن عم الرسول الله (ص) وصهره ، فقد تزوج من ابنه رسول الله (ص) فاطمه بنت اسد بن هاشم بن عبد مناف ، فكان علي هاشمي الاب والام .
لما اخى النبي (ص) بين المهاجرين والانصار ، اخذ بيد علي رضى الله عنه وقال :" هذا اخي ." فصار علي والرسول (ص) اخوين في الله عز وجل .
( 1 )
وفي غزوة تبوك ، خلف رسول الله (ص) علي بن ابي طالب على المدينه ، فقال علي : يارسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟
فقال (ص):" أما ترضى بأن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ غير انه لا نبي بعدي ".
قصه اسلامه رضي الله عنه
كان لبو طالب عم النبي (ص) رجلا فقيرا ، كثير العيال ضيق الحال ، مما جعل النبي (ص) يضم عليا الى داره ، ويقوم على تريبته ، ولم لا ، وقد كان الني (ص) يوما في كفاله عمه ابي طالب ، بعدما مات جده عبد المطلب وهو لم يتجاوز بعد الثامنه من عمره ، وقد شب وترعرع في بيت عمه ، وتربى مع اولاد عمه ، وكان (ص) يخاطب زوجه عمه بقوله : يا اماه .... فهل جزاء الاحسان الا الاحسان ؟
نهل فتى قريش من معين النبوه الصافي ،وعاش في احضان رسول الله (ص) ، فتعلم الورع والخشيه من الله تعالى ، وتعلم الزهد بالحياة وزخارفها ، وكان شابا قويا وشديدا شهد له قومه بالفرسيه ، فكان للحق سيفا مسلطا على اعداء الله ورسوله من الكفار والمشركين .
( 2 )
الخليفه الربع
استشهد عثمان بن عفان رضى الله عنه ، وبايع كبار الصحابه عليا بالخلافه ، وكان من بين المبايعين طلحه والزبير رضى الله عنهما ، ثم ما لبثا ان خرجا من المدينه الى مكه لملاقاة ام المومنين عائشه رضي الله عنها ، ثم خرجوا جميعا الى البصرة يطالبون بدم عثمان ،ويضنون ان عليا رضى الله عنه قد تساهل مع قتله عثمان ولم يحاكمهم ، وان هؤلاء القتله ما زالو منضمين الى جند علي .
التف جمع غفير من الناس حول طلحة والزبير ومن معهم يطالبون بدم عثمان والاقتصاص من قاتلية ، اما علي رضي الله عنه فكان رايه ان يؤخر القصاص من قتله عثمان حتى يتم اجتماع الناس على خليفتهم وتتفق كلمتهم .
نهايه المطاف
استقر امير المومنين في الكوفة ، وفي هذه الاثناء ، تأمر الخوارج على قتل كل من معاوية بن ابي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وعلي بن ابي طالب ، فاجتمعوا بمكة وارسلو لهم ثلاثة من رجالهم ، وتعاهدوا ان يكون ذلك في ليلة واحدة .
( 3 )
ذهب الاول الى معاويه وانتضره في صلاة الصبح فضربه بالسيف ، فلم ينل منه ، فأمر به معاويه فقتل .
واما الثاني : فذهب الى عمرو بن العاص ، وكان عمرو بن العاص مريضا فلم يخرج الى الصلاة في ذلك اليوم ، وصلى بدلا منه خارجه السهمي ، فضربه الخارجي فقتله ، ثم قبض عليه فقتل .
واما الثالث : واسمه عبدالرحمن بن ملجم فقصد الكوفة ، وانتظر امير المومنين وهو ينادي الناس للصلاة ، فضربه بالسيف فأصابه جبهته ، فمات من اثرها . وكان يوم الجمعه السابع عشر من رمضان سنه اربعين من الهجرة .
فاضت روح الامام علي رضي الله عنه الى ربه شهيدا ، وكان له من العمر ثلاثه وستون عاما قضى منها في الخلافه خمس سنين .
قام على غسل الامام علي ولداه الحسن والحسين ، ودفن بالكوفة .
رضي الله عنهم اجمعين .
* * *