رسالة إلى كل فتاة
بقلم / د. قذلة القحطاني .
إلى فتياتنا الحبيبات,وزهراتنا اليانعات أمل المستقبل المشرق بإذن الله .
من قلب يفيض لكِ حباً يا زهرة الإسلام, يا من رضعتِ لبان العقيدة الصافية عقيدة التوحيد منذ أن رأيتِ هذه الحياة, أكتب إليكِ هذه الكلمات خوفاً عليكِ من الأسر والضياع, وكلي أمل أن أجد منكِ أذاناً صاغية وقلباً مقبلاً؛ فهو نداء من القلب لكل فتاة, وأنا أراها وقد قلدتِ كافرة أو فاجرة في لباسها وفي تسريحتها وفي طريقة سيرها؛ فلبست البنطال الضيق الذي يظهر العورة وفوقه بلوزة ضيقة وقصيرة, وقد ظهر جزء من جسدها, وسرحت الشعر حتى بدأ كأنه شجرة العوشن .
وأرى في الوقت نفسه العباءة وقد سقطت من على رأسها إلى كتفيها, وبدأ الوجه سافراً أو شبه سافر, ووضعت سماعات الأذن بإذنيها وسارت تتمايل وتتراقص على أصوات الموسيقى يمنة ويسرة, وأخيراً خلعت جلباب الحياء, ووضعته جانباً وقد تقول بغرور: (دعوني أتمتع!لازلت في بداية شبابي, دعوني أظهر بالمظهر الذي أريد, دعوني حرة).
لكني أعود فأقول: (تمتعي, تزيني, بما يحلو لكِ من زينة الله التي أحل لكِ, ومن يحرمها عليكِ, والله تعالى يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الآعراف32],ولكن ماتفعلينه هو خطوات شيطانية زينها لكِ أبليس ودعاة السفور من أعوانه, وكل ذلك لغوايتكِ, وصدكِ عن الصراط المستقيم) وهدي سيد المرسلين.
نعم, إنه الطوفان المرتقب لتسقط فيه المرأة المسلمة, وأنتِ أخيتي الشابة بالخصوص؛ لذا أناشدكِ بالله يا ابنة التوحيد أن تلزمي عتبة العبودية, وينقاد قلبكِ وروحكِ لكلمة التوحيد "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" بكل ما تعنيه وما تقتضيه من الذل والاستسلام لرب الأرباب .
حاسبي نفسكِ على الوفاء:
1/ أين الحب ؟
2/ أين الانقياد ؟
3/ أين الصدق ؟
4/أين القبول ؟
أخيتي احذري أعدائكِ؛ فهدفهم السير بكِ إلى الهاوية, والضياع, أوللهو, وأخيراً المسخ العقدي واللآخلاقي, وهذا ما أجزم بأنكِ لا تريدينه .
موقف وعبره:
أنني أذكركِ بموقف واحد لأحد أسلافكِ من النساء اللاتي خلّد ذكرهن التاريخ لعلكِ تجدين فيه العظة والعبرة, وهو موقف أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها ففي الطبقات الكبرى لابن سعد(8/199)عن هشام بن عروه: (أن المنذر قدم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مروية وقوهية رقاق عتاق بعدما كف بصرها, قال: فلمستها بيدها ثم قالت: أف, ردوا عليه كسوته, قال: فشق ذلك عليه, وقال: يا أمة أنه لايشف, قالت: إنها إن لم تشف فإنها تصف. قال: فاشترى لها ثياباً مروية وقوهية فقبلتها, وقالت: مثل هذا فاكسني) .
ولي هنا وقفة:
هاهي أسماء رضي الله عنها عجوز كبيرة في السن قد عمي بصرها,ومع ذلك أبت أن تلبس مثل هذه الثياب التي لا تشف لكنها تصف؛ فماذا أقول لمن لبست الشفاف والقصير والعاري وشبه العاري؟
ولهذا أذكركِ بماضي هذه المرأة الصحابية الفدائية المبشرة بالجنة حين كانت تحمل الماء والطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وأبيها في الغار حيث تضحي بنفسها وتغامر وتحمل الزاد مسافات طويلة والأعداء يحيطون بها من كل جانب؛ فأي قوة وأي شجاعة, وأي تحمل للمسؤولية من تلك الفتاة الصغيرة التي كانت تبذل روحها رخيصة في نصرة دين الله؟ ولهذا استحقت هذا اللقب "ذات النطاقين؛إنها الهمة العالية, إنها النفوس الأبية, التي تلقت جرعات من الأيمان والصدق في طفولتها فصمدت كصمود الجبال الرواسي حتى لقيت ربها.
فتأملي هذه الوقفات يا ابنة التوحيد, ويا حفيدة خديجة وعائشة وأسماء رضي الله عنهن؛ فحققي حسن الظن بكِ, وقفي صامدة أمام تيارات الإلحاد, والنفاق, والفساد, والتبرج, والسفور, وأعلينها صراحة لا ولن أُخدع بعد ذلك, سألقي هذه القشور وأضع قدمي عليها ليعلم أعدائي إنهم مهما كادوا لي ليخرجوني من ديني وعفافي؛ فلن أخضع لهم لأني ابنة العقيدة, ولي في أسلافي قدوة.
وأخيراَ أذكرك ابنتي الغالية بقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس,ونساء كاسيات عاريات,مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لايدخلن الجنة ولا يجدن ريحها, وان ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا), قال الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي في تعليقه على هذا الحديث: (هذا الحديث من معجزات النبوة؛ فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان,وفيه ذم الصنفين),أعاذنا الله وإياكِ أن نكون من هؤلاء الصنفين, وحمانا وإياكِ من مضلات الفتن ماظهر منها وما بطن .
واسأل الله تعالى أن تجد نصيحتي هذه قبولاً في نفسكِ, وتكون سبب توبتكِ وإنابتكِ لتحصلي على سعادة الدارين, وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .